فقد كان أحد مؤسسي "مجموعة الفنانين التقدميين" في بومباي سنة 1947. كما اضطلع بدور رائد بإحداث ثورة في عالَم الفن في الهند من خلال ابتعاده عن أشكال الفن السائدة المتمثلة بالرسم الأكاديمي وعن التعلّق بفن المنمنمات الهندية التقليدية.
عن عمر يناهز الثامنة والتسعين، شكّلت وفاته في لندن المحطة الأخيرة في مشوار حافِل امتد لقرن يُعتبر الأكثر عنفاً، ولكن كذلك الأكثر حيوية، في تاريخ البشرية. عاصَر حُسين الحربين العالميتين، وتقسيم الهند البريطانية إلى دولتي الهند وباكستان، والحرب الباردة، وحربيّ الجزائر وفيتنام، وصراعات في جنوب وغرب آسيا. تنوّعت الوسائط التي استخدمها في أعماله بين الألوان الزيتية والمائية، وصولاً إلى الطباعة الحجرية والحريرية، والنحت والعمارة والأعمال التركيبية. كما كان صانِع أفلام وشاعراً وكاتِب مذكرات دوّن نصوصه باللغات الأردية والهندية والإنجليزية.
وصَف حُسين نفسه بأنه رحّالة عالمي نسج أواصر علاقات قوية مع كلِّ من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وتشيكوسلوفاكيا والعالَم العربي عموماً، وقطر على وجه الخصوص بالنظر إلى أنها منحته الملجأ عندما أجبرته الظروف السياسية المضطربة إلى اختيار المنفى بعيداً عن وطنه الأثير. تُشكِّل ثلاثة مواضيع رئيسية نواة الإنتاج الفني لحُسين ويقدّمها هذا المعرض. يتمثّل أوّلها بالمنزل ذلك الفضاء الذي نسكنه ونتذكره من أيام الطفولة ونرسم معالمه في الحاضر أو نتبيّن معالمه من خلال الاستكشاف. أما الموضوع الثاني فهو شغف الإنسان بالإبداع والذي تتجلّى معالمه في كل مجتمع وحقبة زمنية وحقل معرفيّ. بينما يتمحور الموضوع الثالث حول المقارَبة التعددية للمقدّس والأبعاد الكونية للذات المتجسِّدة بالأساطير والرموز وسرديات أديان وفلسفات العالَم. يأتي معرض "مَقبُول فِدا حُسين: عادِيَاتُ الشَّمس" ليكون شاهِداً على الإرث الاستثنائي لهذا الفنان والذي أتى ثمرة لأكثر من ستة عقود، بينما يُحيل العنوان إلى عنصر متكرر في أعماله الفنية وإلى رمز للحيوية وتجديد الذات على المستوى الشخصي.
قيِّم المعرض، رانجيت هوسكوتيه
قيِّمة المعرض المساعدة، وضحى العقيدي
عن الفنان
لطالما ساد الاعتقاد أن تاريخ ميلاد مَقبُول فِدا حُسين يعود لعام 1915، ولكن تؤكد وثائق عُثر عليها حديثاً أنه وُلد قبل ذلك بسنتين، وبالتحديد في 29 نوفمبر 1913، في بلدة باندهاربور الواقعة على طريق الحج الهندوسي. بدأ اهتمامه بعالَم الرسم والفن، وخصوصاً فن الخط، منذ سنٍّ صغير. التحق بكلية للفنون في مدينة إيندور، ولكنّه كان فناناً عصامياً طوّر مهاراته ذاتياً بدرجة كبيرة، وانتقل إلى بومباي (مومباي حالياً) في ثلاثينيات القرن العشرين حيث عمِل رساماً للملصقات في قطاع الإنتاج السينمائي وكمصمم للألعاب ولأثاث حضانات الأطفال. شهد عام 1947 مشاركة حُسين في المعرض السنوي الذي تُقيمه "جمعية بومباي للفنون" ونال جائزة عن لوحته "سنهيرا سانسار" (عالَم ذهبي). وفي العام نفسه تم تقسيم الهند البريطانية إلى دولتي الهند وباكستان المستقلتين، وكذلك أصبح حُسين عضواً مؤسساً في "مجموعة بومباي للفنانين التقدميين" التي كان لها تأثيرٌ بارز على المشهد الفني.
يشتهر حُسين بلغته البصرية التي تركّز على ثراء الحضارة الهندية، بينما تنخرط أعماله في الأزمات والانتصارات التي يختبرها مجتمع يعيش المرحلة الانتقالية التي أعقبت الاستعمار، وفي أعماق الحياة الريفية الهندية، وتنوّع أديان العالَم، وكذلك الملاحم والسرديات الأسطورية الهندوسية. يُنظر إلى حسين باعتباره فناناً متنوّع الخصال الإبداعية بشكل لافت جداً، حيث تراوحت مسيرته الفنية بين الرسم والشعر والعمارة والأفلام. ونال عام 1976 جائزة الدبّ الذهبي عن فلمه القصير "عبر عيني رسّام" (1967) في مهرجان برلين السينمائي. كما شارك في معارض إقليمية ودولية هامة، بينها بينالي البندقية، إيطاليا (1952)؛ بينالي طوكيو، اليابان (1960)؛ بينالي ساو باولو، البرازيل (1971)؛ المتحف الوطني للفن الحديث، مومباي، الهند (1991)؛ متحف الفن الإسلامي، الدوحة، قطر (2008)؛ متحف فكتوريا وألبرت، لندن، المملكة المتحدة (2014). توفّي مَقبُول فِدا حُسين بتاريخ 9 يونيو 2011 عن عمر يناهز الثامنة والتسعين، ولا يزال إرثه حاضراً بقوة كأحد أبرز المساهمين في تاريخ الفن الهندي الحديث.