عاصرت تجارب مهدي مطشر في التجريد الهندسي مسيرته المهنية المميزة التي امتدت لخمسة عقود. تتميز أعماله بانضباطها الشديد، فهي تعكس طابعاً يكاد يكون علمياً بدقته الرياضية. ومع ذلك، فقد حاولت أعماله في كثير من الأحيان التقاط اللحظات العابرة والعفوية من شبابه كمشاهدته للزخارف الساحرة في المساجد المحلية، أو أنماط الظلال التي ألقاها سعف النخيل، أو الخطوط التي رسمها بشكل مرح في الرمال. لقد اتخذ مطشر من الاستبطان أساساً لأعماله الفنية الدقيقة، وتحدياً للتقاليد الفنية.
من خلال إصراره على الاستمرارية الثقافية وإدراكه إمكانات الزخارف الهندسية والخط العربي التي لا حصر لها، يتحدّى إنتاج مطشر محاولات تصنيف أعماله تحت الحركات الفنية المألوفة، بما في ذلك التجريد أو التبسيطية أو الفنّ البصري. يبرز المعرض مفهومه الفريد للتقاليد الجمالية في المنطقة، والتي جددها الفنان بفضل أساليبه الفنية الأصلية.
ومن خلال قلب قواعد العقائد الحداثية، يمكن اعتبار إبداعات مطشر بمثابة تحدٍ مُتَبَصّر. كما تعكس إيمانه بأن هناك رابطاً لا ينفصل بين الحقائق الشخصية العميقة والحقائق الكونية التي تقود حياتنا اليومية، وأن التعبيرات المرئية والمكانية هي ليست سوى تراجم لعمليات ذهنية مصوغة في شكل ملموس، تدعو المشاهد إلى التفكير بالعلاقات الحميمة التي تجمع كل شيء من حولنا. وهكذا، فإن أعمال مطشر هي آثار لتساؤلاته الدائمة، والتي تجعلنا مُشتركين في مواجهته الدؤوبة.