يُقدِّم المعرض المنفرد الأكبر للفنانة أوغيت الخوري كالان في العالَم مجموعة مختارة من أعمال أعدّتها على مدى مسيرة فنية امتدت لستة عقود وتتنوّع بين اللوحات والرسومات والقفاطين والمنحوتات، بالإضافة إلى أعمال تُعرض لأول مرة. يتمحور المعرض حول ثلاثة محطات
جغرافية رسمت معالِم رحلة الفنانة على المستويين الشخصي والمهني، وهي: بيروت وباريس وكاليفورنيا.
وُلدت كالان في بيروت عام 1931 لأب شغل منصب أول رئيس للجمهورية اللبنانية عقب استقلالها. أتمّت دراستها في الجامعة الأمريكية في بيروت حيث طوّرت علاقة حميمة مع رسم الخطوط. شجّعها أحد أساتذتها أن ترسم على الورق وألا تتوقف حتى تستكمل الرسم. برعت في هذه التقنية التي تكرر ظهورها في أعمالها مع تحوّل وتطوّر ممارستها الفنية من حقل التصوير إلى التجريد.
مفهوم الاستقلالية كان بغاية الأهمية بالنسبة إلى كالان، تلك الشابّة التي ترعرعت في بيروت والتي قالت عن ذلك: ’كان لبنان يناضل من أجل نيل استقلاله، وكنتُ أكافح من أجل استقلالي‘. عكست تلك الذهنية من خلال مظهرها في بداية الأمر. وعند بلوغها الرابعة والثلاثين من العمر وبعد أسبوع واحد فقط من وفاة والدها رفضت الملابس الغربية التي يرتديها أقرانها واختارت كرِداء لها العباءة أو القفطان الذي تحوّل إلى عنصر هام في مسيرتها الفنية.
واجهت كالان التقاليد الاجتماعية مجدداً بقرار الانتقال إلى باريس في السبعينيات، وهو ما تقول عنه: ’لم أغادر من أجل فني لأنه بوسع المرء إعداد الأعمال الفنية أينما كان. غادرتُ لأني أردتُ شقّ مسيرة مهنية‘. عمِلتْ في العاصمة الفرنسية على سلسلة لوحات تحمل اسم "أعضاء الجسم". تتبنى هذه الأعمال التبسيطية أسلوباً تجريداً وتُظهر الأشكال والأنماط المختلفة التي يمكن أن يأخذها جسد الإنسان، بينما تتحدى مفاهيم الجمال المتبناة من قبل المجتمع. فكلُّ ما كان ثقيل الوطأة أصبح بغاية الرقة، وما كان غريب الإيقاع أصبح جميلاً بصيراً.
استقطبتْ حرية التعبير الفنية كالان للانتقال إلى كاليفورنيا عام 1987 حيث تحوّلت من التصوير التجريدي إلى أسلوب رسم يُعنى بالتفاصيل أكثر ويوظّف تقنيات تطريز مختلفة. تتبنى أعمال تلك الحقبة نمط المنسوجات المحاكة والسجّاد والبُسْط التي كانت تحيط بالفنانة منذ نشأتها. ورغم كونها بعيدة آلاف الكيلومترات، إلا أن ذكريات باريس وبيروت وتاريخها مع الأصدقاء وأفراد العائلة وصور الحنين كانت حاضرة دوماً في اللوحات التي أعدّتها في أمريكا.
قيّم المعرض، محمد راشد آل ثاني
قيّمة المعرض المساعِدة، نورا عبدالمجيد